لأن غيابك هو الحضور المعتاد .. بت أخشى حضورك
.. حتى لا أفيق من سُكرة إستحضار طيفك.
هُناك على الجدران ، بقايا من ساعة موشومة بالأنا
، ثوانيها دقات قلب يقرع في صمت العُمر ، و حفيف الإنتظار حولها و حولي يجعلنا أشبه
بـ أشباح تستحضر روح حضور ما عاد هنا.
هنا حول معصمي ، قيد من ذكرى حديث اغترف من أشواق
تكبدها القلب ، و يأبى أن يطلق يديّ لتسبح في عالم الحضور ، يحملها و يحملني معها لـ
رقصة على شرف الغياب ، منتشية بالقاعدة، و تخشى الإستثناء - حضورك - .
على بُعد خطوتين مني ، مُفكرة تحمل الكثير من الصفحات
المُلطخة بالحبر ، و القليل من الصفحات البيضاء المؤرخة و المُوقعة بـ " كان هنا
" ،حين تصفحتها أدركت كيف يثريني غيابك بالحنين للحرف ، و الشبق به و إراقة الحبر
على الصفحات ، و على النقيض منه حضورك، فهو يسلبني تاريخي ، و يكسر سن القلم فلا يقوى
على ممارسة ساديته فوق الصفحات ، و تعذيبها بإفراغ ملاحم الشوق فوقها ، تحضر فيتوقف
كل شئ حتى النبض.
في غمرة تأرجح النفس ما بين روح الحضور و جسد الغياب
، أجدني أتوضأ بـ دمع ضلّ أسبابه ، هل يهطل متعذباً بالغياب أم مستعذباً له ، أم أنه
يشتهي الحضور أم يزهد فيه ؟.
تحضر ، فألتف حولك بـ كلي ، معانقًة فيك الأنا المشتهاة
، و الأنت المُرتجى ، سابحًة في ما بين اليقظة و الحلم ، غافلة هل هو حضور أم إستحضار
؟ ، هل هو أنت أم طيفك الذي اعتاد أن يبلل أوراق العمر الذابلة بـ ببعض منه.
تحضر فأنسى في أوج الشوق دفء الشمس و لسعة القمر
، أجدني أتبلل بـ شعاع شارد من لهيب الإشتياق ، و أتدفأ تحت وابل الغيث المنهمر من
عينيك.
تحضر، فأجمع اشيائي و اتطهر لأزلف إلى محرابك ،
أجرجر الخطى و أرتدى أجمل ما بالعمر ، لأتهجد بشرائع الشوق.
تحضر ، فأدنـو بـ قلمي لأملأه بـ حبر يعينني في
غيابك على خط رسائل الحنين إليك ، فـ يسقط القلم من يدي لـ ينبهني أني وحدي هنا ، بتلك
الساعة على الجدران ، و ذاك القيد في معصمي ، و تلك المفكرة ذاتها ، فأفتح منها صفحة
جديدة ، و الطخها بحرف جديد مهللاً " حيّ على الغياب ".
ليست هناك تعليقات :